Ahmed Salih January 26, 2020September 6, 2023 مدخل: بادئ ذي بدء فقد عرف قانون العمل الإماراتي عقد العمل بأنه” هو كل اتفاق محدد المدة أو غير محدد المدة يبرم بين صاحب العمل والعامل يتعهد فيه الأخير بأن يعمل في خدمة صاحب العمل وتحت إدارته أو أشرافه مقابل أجر يتعهد به صاحب العمل” ، كما عرف كل من صاحب العمل والعامل بحيث عرف الأخير بأنه “كل ذكر أو أنثي يعمل لقاء أجر مهما كان نوعه في خدمة صاحب العمل وتحت إدارته أو إشرافه ولو كان بعيداً عن نظره ويندرج هذا المدلول الموظفون والمستخدمون الذين يعملون في خدمة صاحب العمل والخاضعون لأحكام قانون العمل” ، هذا وقد عُرف صاحب العامل بأنه” كل شخص طبيعي أو اعتباري يستخدم عاملاً أو أكثر لقاء أجر مهما كان نوعه” ومما يجدر الإشارة إليه أن قانون العمل الإماراتي لم يتطلب أن يكون عقد العمل مكتوباً فقد أجاز المشرع أثبات عقد العمل وشروطه بكافة طرق الأثبات القانونية، غير أنه وفي حال عدم كتابة عقد العمل فأن المشرع اعتبر العقد في هذه الحالة في حكم العقد غير محدد المدة، وهو ما يلقي بظلاله على حقوق وإلتزامات الطرفين المتبادلة تختلف عما هو عليه العقد محدد المدة. صاحب العمل بهذا الوصف القانوني يعد ملزم قانوناً بأداء أجر العامل المتفق عليه وذلك متى أدى العامل عمله أو أعد نفسه وتفرغ له وإن لم يسند إليه عمل. والأجر الإساسي هو ما يتقاضاه العامل بمقتضي العقد أو الإتفاق المبرم فيما بين العامل وصاحب العمل من مال أو منفعة في أي صورة كانت ويدفع للعامل سنوياً أو شهرياً أو أسبوعياً أو يومياً على أساس الساعة أو القطعة تبعاً للإنتاج أو بصورة عمولات وفقاً لما يتم الاتفاق عليه، بالإضافة إلى أن الأجر الإساسي يتضمن علاوة غلاء المعيشة وكل منحه تعطى للعامل جزاء أمانته أو كفاءته بشرط أن تكون هذه المبالغ مقررة في عقد العمل أو مقررة في نظام العمل الداخلي للمنشأة أو جرى العرف أو التعامل بمنحها حتى أصبح عمال المنشأة يتعبرونها جزءً من الأجر لا تبرع ، الأجر الأساسي ينص عليه في عقد العمل أو يتم عليه الاتفاق وفق ما يكون عليه الحال، ولابد من إمعان التفرقة بين مفهوم الأجر بشكلة العام وبين مفهوم الأجر الأساسي حيث أن الأخير لا تدخل البدلات في مجموع حساب قدره أياً كان نوع تلك البدلات على عكس الأجر بمفهومه العام، وتكمن ضرورة التفرقة فيما بين المفهومين السابقين لدى احتساب قيمة حقوق ومستحقات العامل تجاه صاحب العمل فبعضها يتم احتسابه وفقاً للأجر الأساسي والبعض الأخر يتم احتسابه وفقاً للأجر المشتمل على البدلات أو بعضها. إنتهاء علاقة العمل: علاقة العمل كغيرها من العقود الأخرى والإتفاقات القانونية الملزمة للجانبين، إذْ تنتهي في أحوال مختلفة ومتعددة بعضها يرجع لإرادة العامل المنفردة بمسوغ قانوني أو دونه، والبعض منها يرجع للإرادة المنفردة لصاحب العمل وأيضاً قد تكون بمسوغ قانوني أو دونه، كما قد ترجع لإرادة الأطراف معاً أو بالإرادة المنفردة لا يهما عند فسخ العلاقة بالتراضي، وقد تنتهي علاقة العمل وفقاً لطبيعة العقد وذلك في حال كان العقد محددة المدة أو محدد بإنجاز عمل معين متفق عليه، كما أنه قد ينتهي فسخاً بموجب قرار صادر عن المحكمة. كما قد ينتهي عقد العمل بوفاة العامل أو بعجزة كلياً عن أداء عمله بعد ثبوت ذلك بموجب شهادة طبية معتمدة، كما قد ينتهي عقد العمل بوفاة رب العمل إذا كانت شخصيته قد روعيت عند ابرام عقد العمل. لما كان ذلك فأنه بإنتهاء علاقة العمل لأي سبب كان فأنه قد يترتب عليها نشوء منازعة بين الأطراف بشأن إستحقاق تلك الحقوق من عدمه وبشأن مقدار المقابل المادي لها. ماهية الحقوق العمالية: الحقوق العمالية هي اما حقوق كفلها القانون أو عقد العمل أو كليهما معاً، وفي حال كفل عقد العمل للعامل حقوق أكثر تميزاً ومصلحة من الحقوق التي نص عليها في القانون فأنه يأخذ بالحقوق التي تصب في مصلحة العامل ، وعلى هذا النحو فأنه يحق للعامل مطالبة صاحب العمل بسداد كافة حقوقه المكفولة ومن بين هذه الحقوق على سبيل المثال لا الحصر الحق في سداد متأخرات الأجر والحق في الحصول على بدل الإنذار -حال فصل العامل عن العمل من قبل صاحب العمل دون إنذار- والحق في المطالبة بالبديل النقدي للإجازات السنوية ، والحق في المطالبة بالمقابل النقدي مقابل بدل العطلات والاعياد-الاجازات الرسمية- وبدل قيمة الفصل التعسفي -حال ثبوت فصل العامل عن العمل دون مسوغ قانوني- وبدل قيمة ساعات العمل الإضافية ومكافأة نهاية الخدمة وقيمة تذكرة السفر نقداً أو عيناً- ويستحقها العامل حال استقدامه من خارج الدولة وفي حال عدم التحاقه بصاحب عمل أخر وفي حال لم يثبت صاحب العمل أن العامل قادر على تحمل نفقاتها- وتختلف هذه الحقوق بإختلاف نوع العقد أو الاتفاق ومدته وبإختلاف سبب إنتهاء العلاقة والمسؤول عنها، كما يختلف مقدار القيمة المالية لتلك الحقوق وفقاً لقيمة الأجر والأجر الأساسي وكل ذلك مقترن بوجود المسوغ القانوني من عدمه. التقادم كمبدأ عام: التقادم لغة هو مضي المدة. وفي الفقه القانوني هنالك تقادم مسقط وتقادم مكسب، فالأول يؤدي إلى سقوط الحق، والثاني سبب لكسبه. التقادم المسقط يفرض وضعاً سلبياً هو عدم مطالبة الدائن بحقه أو عدم استعمال الحق) موضوع مادتنا) غير أن التقادم المكسب يستلزم وضعاً إيجابياً هو الحيازة. ويشترك كل من النظامين في عنصر مضي الزمن. التقادم في الواقع لا يقوم على أساس قانوني بحت إذ أن مضى مدة من الزمن لا يؤدى بذاته إلى إحداث أي تأثير قانوني فهو لا يؤدى إلى إكساب أي حق أو سقوطه مالم تضاف إليه عناصر أخرى (كإهمال المطالبة في التقادم المسقط) ولكن الفقه اعتنق ولاعتبارات عدة فكرة أن مضي مدة طويلة نسبياً من الزمن يجب أن تؤدى إلى إنقضاء حق الدائن أو إنقضاء الدعوى التي تحميه إذا ظل ساكتاً طوال هذه الفترة ولم يطالب به فالزمن يجب أن يمحو كل شيء، ومن هذه الإعتبارات التي دعت المشرعين إلى إقرار هذا النظام هو الإرتكان على قرينة براءة ذمة المدين من الدين، حيث قيل أن التقادم يقوم على قرينه براءة ذمة المدين من الدين سواء لأنه قام بالوفاء به فعلاً -قرينة الوفاء- أو لان الدائن قد قام بإبراء المدين من الدين – قرينة الإبراء- وإلا لما سكت الدائن طوال هذه المدة عن المطالبة بدينه. ومن الإعتبارات المقررة للتقادم هو رغبة المشرع في عدم إرهاق المدين بمنع تراكم الديون عليه بحيث إذا تراكمت هذه الديون عليه لسنوات طويلة فأن المشرع ومنعاً للتعسف والعنت يسقط عنها ما مضى عليه من الزمن مدة طويل، وقد قيل أيضاً أن التقادم يتأسس على فكرة وجوب معاقبة الدائن المهمل المتخاذل الذي ترك كل هذا الوقت يمضي دون أن يطالب بحقه. وفى ذلك يجب أنيفضل القانون مصلحة المدين الذي لم يفعل ما يلام عليه على مصلحة الدائن المهمل، كما يرتكز هذا النوع من التقادم على عدة إعتبارات الغرض منها حماية المصلحة العامة فاستقرار التعامل يقوم إلى حد كبير على فكرة التقادم ولنضرب مثلاً إذا كان الدائن يستطيع أن يطالب مدينه بالدين مهما طالت المدة التي مضت على استحقاقه وكان على المدين أن يثبت براءة ذمته من الدين بعد أن يكون قد وفاه فعلاً وحصل على مخالصة به فأنه من الإرهاق بمكان أن يكلف المدين بالمحافظة على هذه المخالصة إلى وقت لانهاية له لكي يحتج بها في مواجهة كل من يطلب منه الوفاء بهذا الدين ولإعتبار استقرار التعامل أن يفترض في الدائن الذي سكت مدة طويلة عن المطالبة بدينه أنه قد استوفاه فعلاً أو على الأقل قد أبراء ذمة المدين من هذا الدين فلا يمكن أن يكون حق الدائن كالسيف المسلط على المدين امد الزمن. لذلك لجاء الفقه القانوني لوضع فترة زمنية مناسبة ومعقولة تختلف بإختلاف نوع الحق وبإختلاف التشريعات بحيث يراعى في هذه المدة ألا تكون طويله بالحد الذي يرهق المدين ولا هي بالقصيرة بالحد الذي يباغت الدائن ويسقط حقه. والجدير بالذكر أن المشرع الإماراتي قد نص في المادة (473) من قانون المعاملات المدنية على أنه (لا ينقضي الحق بمرور الزمان ولكن لا تسمع به على المنكر بإنقضاء خمس عشرة سنة بغير عذر شرعي مع مراعاة ما وردت فيه أحكام خاصة)، مما يكون معه والحال كذلك أن المشرع الإماراتي وكمبدأ عام حدد مدة سقوط وتقادم سماع دعوى الحق بإنقضاء خمس عشرة سنة بغير عذر شرعي مع مراعاة ما وردت فيه أحكام خاصة ، هذا وقد ورد في قانون العمل الإماراتي أحكام خاصة تتعلق ببيان المدة الزمانية لتقادم سماع دعوى المطالبة بالحقوق العمالية وهو ما سنتناوله بشيء من التفصيل في هذه المادة. المدة الزمنية المقررة لتقادم سماع المطالبة المتعلقة بالحقوق العمالية في قانون العمل الإماراتي: بالمفهوم السابق يمكن تعريف التقادم المسقط بأنه مضي مدة معينة من الزمن دون أن يطالب الدائن مدينه بالدين الذي له فى ذمة هذا المدين ويترتب على مضي هذه المدة أن ينقضي إلتزام هذا المدين بالوفاء لذلك الدائن ولا يحق له المطالبة بهذا الدين بعد ذلك. أخذ المشرع الإماراتي بمبدأ التقادم المسقط لسماع المطالبة الناشئة عن الحقوق العمالية وإن كانت بعض التشريعات المقارنة قد أخذت بمبدأ عدم تقادم الحقوق العمالية على الاطلاق ، وقد أورد المشرع الإماراتي أحكام خاصة تبين مدة التقادم الخاصة بسقوط الحق في سماع المطالبة المتعلقة بالحقوق العمالية وحدد لها فترة سنة حال إنكار الدعوى من الطرف الخصم، حيث أن النص بالمادة (6) من قانون العمل على أنه (لا تسمع دعوى المطالبة بأي حق من الحقوق المترتبة بمقتضى أحكام هذا القانون بعد مضي سنة من تاريخ استحقاقه ..) ، مما يدل على أن بداية حساب مدة التقادم تبدأ من تاريخ الاستحقاق الفعلي لتلك الحقوق، و يتم حساب المدة بالأيام ولا يحسب اليوم الأول منها وتكمل بإنقضاء اخر يوم منها إلا اذا كان عطلة رسمية فأنه يمتد إلى اليوم التالي ،فضلاً على أن حساب الأيام يكون بالتقويم الميلادي وتعتبر السنة 365يوماً والشهر 30 يوماً إلا إذا نص على عقد العمل بخلاف ذلك . وقف وإنقطاع سريان مدة تقادم سماع دعوى الحقوق العمالية: كإستثناء من المبدأ العام كما اشارنا اليه آنفا، وهو أن المقرر في قانون المعاملات المدنية الإماراتي بأنه قد حدد مدة سقوط وتقادم سماع دعوى الحق بإنقضاء خمس عشرة سنة، بيد أن قانون العمل الإماراتي قد جاء بنص خاص قيد النص العام حيث نص على أنه ينقضي الحق في سماع دعوى المطالبة بالحقوق العمالية بمضي سنة من تاريخ إستحقاق تلك الحقوق، غير أن هذه المدة المنصوص عنها بقانون العمل الإماراتي لا تؤخذ على إطلاقها فقد أوجد الفقه والتشريع في دولة الإمارات العربية المتحدة بعض الظروف المخففة التي بإمكانها أن توقف أو تقطع مدة سريان تقادم دعوى سماع الحقوق العمالية. حيث أخذ الفقه الإماراتي بهذه النظرية وإن لم ينص عليها صراحة في قانون العمل، غير أن الثابت والمقرر من خلال السوابق والأحكام القضائية الصادرة عن محاكم دولة الإماراتي العربية المتحدة أن القانون قد سار على نهج قبول العذر الشرعي المقبول كعذر يوقف مدة تقادم المطالبة بالحقوق العمالية وذلك بالرجوع للقواعد القانونية العامة المنصوص عنها بقانون المعاملات المدنية بحيث أنه يقف مرور الزمن المانع من سماع الدعوى كلما وجد عذر شرعي يتعذر معه المطالبة بالحق ولا تحسب مدة قيام العذر في المدة المقررة للتقادم ، كما أن إقرار المدين بالحق صراحة أو دلالة يقطع مرور الزمان المقرر لعدم سماع الدعوى ، وأيضاً تنقطع المدة المقررة لعدم سماع الدعوى بالمطالبة القضائية أو بأي اجراء قضائي يقوم به الدائن للتمسك بحقه، وكقاعدة قانونية عامة فقد نص على أنه إذا انقطعت المدة المقررة لعدم السماع بدأت مدة جديدة كالمدة الأولى ، ومما تجدر الإشارة اليه أنه في حال كانت دعوى المطالبة بالحقوق العمالية مقدمة من ورثة العامل ولم يقم بعض الورثة برفع الدعوى المتعلقة بحق مورثهم خلال المدة المقررة لسماعها بغير عذر شرعي وكان لباقي الورثة عذر شرعي فأنه تسمع دعوى هؤلاء بقدر أنصبتهم، وفي جميع الأحوال المذكورة فأن مدى توافر العذر الشرعي المقبول الذي يوقف سريان مدة التقادم أو صحة ونشوء إقرار المدين بالحق الذي بدوره يقطع مدة التقادم من عدمه يخضع لسلطان السلطة التقديرية للمحكمة. خلاصة القول نجد أن قانون العمل الإماراتي قد جاء بأحكام خاصة تقضي بتقادم سماع دعوى المطالبة بالحقوق العمالية بإنقضاء سنة من تاريخ إستحقاقها ،وذلك إستئناءً من القواعد والأحكام العامة المنصوص عنها بقانون المعاملات المدنية والتي بدورها تقضي بسقوط سماع دعوى الحق بإنقضاء خمس عشرة سنة من تاريخ الاستحقاق ، غير أن المشرع الإماراتي وحسن فعل بأن اوجد بعض الاستثناءات والظروف المخففة التي تعمل على التوازن بين المصلحة العامة في ملائمة استقرار الأوضاع الناشئة عن العلاقة العمالية وبين عدم سقوط سماع الحق ، حيث طبق القواعد القانونية العامة التي تقطع أو توقف سريان مدة تقادم سماع دعوى المطالبة بالحقوق على التقادم المتعلق بسماع دعوى الحقوق العمالية، وغني على القول أن المشرع الإماراتي لم يعتبر الدفع بسقوط سماع الحق بالحقوق العمالية من النظام العام حيث أن المحكمة لا تثير هذا الدفع من تلقاء ذاتها مالم يتمسك به الطرف صاحب المصلحة في أي مرحلة تكون عليها الدعوى. ولكم وافر الاحترام والتقدير، [/vc_column_text][/vc_column][/vc_row]